موضوع: خروج الإمام الحسين عليه السلام من مَكة إلى العراق الخميس ديسمبر 11, 2008 2:51 pm
خروج الإمام الحسين من مَكة إلى العراق
على أثر الرسائل الكثيرة التي أرسلها أهل الكوفة إلى الإمام الحسين عندما كان في مكة المكرمة، اِرتأى أن يُرسِل مندوباً عنه إلى الكوفة.
فوقع الاختيار على ابن عمه مُسلم بن عقيل، لتوفر مستلزمات التمثيل والقيادة به.
ومنذ وصوله إلى الكوفة راحَ يجمع الأنصار، ويأخذ البَيعة للإمام الحسين ، ويوضِّح أهداف الحركة الحسينية، ويشرح أهداف الثورة لزعماء الكوفة ورجالاتها.
فأعلَنَت ولاءَها للإمام الحسين ، وعلى أثر تلك الأجواء المشحونة، كتب مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين يَحثُّه بالمسير والقدوم إلى الكوفة.
فتسلَّم الإمام الحسين رسالة مسلم بن عقيل وتقريره، عن الأوضاع والظروف السياسية، واتجاه الرأي العام.
فقرر الإمام التوجُّه إلى العراق، وذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة ( يوم التروية ) 60 هـ.
ويعني ذلك أنَّ الإمام لم يُكمِل حَجَّه بِسببِ خُطورَةِ الموقف، لِيُمارس تكليفه الشرعي في الإمامة والقيادة.
فجمع الإمام الحسين نساءه، أطفاله، أبناءه، أخوته، أبناء أخيه، وأبناء عُمومَته، وشدَّ الرحَال، وقرَّر الخروج من مكة المكرَّمة.
فلما سرى نبأ رحيله ، تَملَّكَ الخوفُ قُلوبَ العَديد من مُخلصِيه، والمشفِقين عليه، فأخذوا يتشبَّثون به ويستشفعون إليه، لعلَّه يعدل عن رأيه، ويتراجع عن قراره.
إلاَّ أنَّ الإمام اعتذرَ عن مطالباته بالهدنة، ورفضَ كُل مَساعي القعود والاستسلام.
والمُتَتَبِّع لأخبار ثورة الإمام الحسين ، يَجدُ أنَّ هناك سِرّاً عظيماً في نهضته
ويتوضح هذا السر من خلال النصيحة التي قُدِّمت للإمام من قِبَل أصحابه وأهل بيته، فكلُّهم كانوا يتوقَّعون الخيانة وعدم الوفاء بالعهود التي قطعها له أهل الكوفة.
وندرك هنا أن للإمام الحسين قراراً وهدفاً لا يُمكِن أن يتراجع عنه ، فقدْ كان واضحاً من خلال إصراره وحواره أنَّه كان متوقِّعاِ للنتائج التي آل إليها الموقف، ومشخِّصاً لها بشكل دقيق، إلاَّ أنه كان ينطلق في حركته من خلال ما يُملِيه عليه الواجب والتكليف الشرعي.
ونجد ذلك واضحاً في خُطبَتِه حيث قال : (الحَمدُ للهِ ، ومَا شاءَ الله ، ولا قُوَّة إلاَّ بالله ، خُطَّ المَوتُ على وِلدِ آدم مخطَّةَ القِلادَة على جِيدِ الفَتاة ، وما أولَهَني إلى أسْلافي اشتياقَ يَعقُوبَ إلى يوسف ، وخيرٌ لي مَصرعٌ أنا لاقيه ، كأني بأوصالي تقطِّعُها عسلان الفلوات بين النَّواوِيسِ وكَربلاء ، فيملأن أكراشاً جوفا ، وأحوية سغباً .
لا مَحيصَ عن يوم خُطَّ بالقلم ، رِضا الله رِضَانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفِّينا أجورنا أجور الصابرين ، لن تشذّ عن رسول الله لَحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس ، تقرُّ بهم عَينه ، وينجزُ بهمْ وَعدَه .
من كان باذلاً فِينَا مهجتَه ، وموطِّناً على لِقَاء الله نفسه ، فلْيَرْحَل مَعَنا ، فإنِّي راحلٌ مُصبِحاً إن شاء الله ) مقتل الإمام الحسين للسيّد ابن طاووس : 23 .
إذن فكلُّ شيء واضحٌ أمام الإمام الحسين ، وهو مُصمِّم على الكفاح و الشهادة، فليس النصر يحسب دائماً بالنتائج الآنيَّة المادِّيَّة، فقد يحتاج الحدَث الكبير إلى فترة زمنية طويلة، حيث يتفاعل فيها جملة من الحوادث والأسباب، ليعطي نتائجه.
وهذا ما حدث بالفعل بعد استشهاد الإمام ، إذ ظَلَّت روح المقاومة تغلي في نفوس أبناء الأمَّة.
واستمرَّتْ بعد موت يزيد، حتى قَضَتْ على كِيان الحكم الأموي تلك الروح التي كانت شعاراً لِكلِّ ثائر في سبيل التحرُّر من الظُلم والطغيان.
عاشق حيدر المدير العام
المساهمات : 148 تاريخ التسجيل : 28/11/2008
موضوع: رد: خروج الإمام الحسين عليه السلام من مَكة إلى العراق الخميس ديسمبر 11, 2008 6:34 pm